Overblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
28 avril 2011 4 28 /04 /avril /2011 22:27
وَظُـلـمُ ذَوي الـقُـربـى أَشَـدُّ مَضاضَةً
عَلى المَرءِ مِن وَقعِ الحُسامِ المُهَنَّدِ

وهو أشهر أبياته على الإطلاق وفيه حكمة وصدق كما يقول محمود شاكر عن الشعر الجاهلي ومطلع هذه القصيدة :

 

 

لِــخَــوْلَــةَ أَطْـلالٌ بِـبُـرْقَـةِ  ثَـهْـمَـدِ
تَلُوحُ كَبَاقِي الوَشْمِ فِي ظَاهِرِ اليَدِ
وُقُـوْفَـاً بِـهَـا صَحْبِي عَلَيَّ مَطِيَّهُـمْ
يَـقُـوْلُـوْنَ لا تَـهْـلِـكْ أَسَـىً  وَتَـجَلَّدِ

     ثم يتطرق فيها لمن يلومه على اللذات والشهوات فيقول له إذا كنت لا تستطيع دفع الموت عني فدعني أتمتع بحياتي فيقول :

 

أَلا أَيُّـهَـذا الـلائِـمـي أَحضُرَ  الوَغى
وَأَن أَشـهَـدَ اللَذّاتِ هَل أَنتَ مُخلِدي
فَـإِن كُـنـتَ لا تَـسـطـيـعُ دَفـعَ مَنيَّتي
فَـدَعـنـي أُبـادِرهـا بِـمـا مَـلَكَت  يَدي
وَلَـولا ثَـلاثٌ هُـنَّ مِـن عيشَةِ الفَتى
وَجَـدِّكَ لَـم أَحـفِـل مَـتـى قـامَ عُوَّدي
فَـمِـنـهُـنَّ سَـبـقـي الـعاذِلاتِ  بِشَربَةٍ
كُـمَـيـتٍ مَـتـى مـا تُـعـلَ بِالماءِ تُزبِدِ
وَكَـرّي إِذا نـادى الـمُـضـافُ مُـحَنَّباً
كَـسـيـدِ الـغَـضـا نَـبَّـهـتَـهُ الـمُـتَـوَرِّدِ
وَتَقصيرُ يَومَ الدَجنِ وَالدَجنُ مُعجِبٌ
بِـبَـهـكَـنَـةٍ تَـحـتَ الـطِـرافِ  الـمُعَمَّدِ

ثم ينطلق في الحكمة بمثل قوله

 

أَرى الـعَـيـشَ كَـنزاً ناقِصاً كُلَّ  لَيلَةٍ
وَمـا تَـنـقُـصِ الأَيّـامُ وَالـدَهـرُ  يَـنفَدِ
أَرى المَوتَ يَعتامُ الكِرامَ وَيَصطَفي
عَـقـيـلَـةَ مـالِ الـفـاحِـشِ  الـمُـتَشَدِّدِ

 

 

 

     واندفع الفتى منذ شبابه الباكر في حياة الفروسية واللّهو والمتعة، حتى طرده قومه، وجال في البلاد، ووصل أطراف الجزيرة وتقرّب من بلاط المناذرة، اتصل بالملك عمرو بن هند فجعله في ندمائه، ثم أرسله بكتاب إلى المكعبر عامله على البحرين وعُمان يأمره بقتله لأبيات بلغ الملك أن طرفه هجاه بها فقتله المكعبر بها.


    كان كما قال الزوزني في حسب كريم وعدد كثير، وكان شاعرا جريئا على الشعر، وكانت أخته عند عبد عمرو بن مرثد بن سعد بن مالك بن ضبيعة بن قيس وكان عبد عمرو سيد أهل زمانه، وكان من أكرم الناس على عمرو بن هند الملك، فشكت أخت طرفة شيئاً من أمر زوجها إلى طرفة فعاب عبد عمرو وهجاه وكان من هجائه إياه أن قال:

 

   
وَلا خَـيـرَ فـيـه غَيرَ أنَّ لَهُ  غِنىً
وَأنَّ لَهُ كَشحاً إذا قامَ أهضَمضا
تَـظَـلّ نـسـاءُ الحَيِّ يَعكُفنَ حَولَهُ
َقُـلـنَ عَـسيبٌ من سَرارَةَ مَلهَما

يعكفن: أي يطفن العسيب: أغصان النخل سرارة الوادي: قرارته وأنعمه أجوده نبتاً الملهم: قرية باليمامة. 

فبلغ ذلك عمرو بن هند الملك وما رواه فخرج يتصيد ومعه عبد عمرو فرمى حماراً فعقره فقال لعبد مرو: انزل فاذبحه، فعالجه فأعياه فضحك الملك وقال: لقد أبصرك طرفة حيث يقول وأنشد: ولا خير فيه، وكان طرفة هجا قبل ذلك عمرو بن هند فقال فيه

 

   
فَلًَيتَ لَنا مكانَ المَلكِ  عمرٍو
رَغـوثـاً حَـولَ قـبَّـتِـنَـا  تَـخُورُ
مِـنَ الزَّمِرَاتِ أسبَل  قَادِمَاهَا
وَضــرَّتُــهَــا مُــرَكَّـنـةً  دَرُورُ
لَـعَـمـرُكَ إنَّ قَابُوسَ بنَ  هِندٍ
لَـيَـخـلِـطُُ مُـلـكَـهُ حُـمْـقٌ كَثِيرُ
قَسَمتَ الدَّهرَ في زَمَنٍ رَخيٍّ
كَـذَاكَ الـحُكمُ يَقصِدُ أو يَجُورُ

     فلما قال عمرو بن هند لعبد عمرو ما قال طرفة قال: أبيت اللعن! ما قال فيك أشدّ مما قال فيّ، فأنشده الأبيات فقال عمرو بن هند: أو قد بلغ من أمره أن يقول فيّ مثل هذا الشعر? فأمر عمرو فكتب إلى رجل من عبد القيس بالبحرين وهو المعلّى ليقتله، فقال له بعض جلسائه، إنك إن قتلت طرفة هجاك المتلمّس، رجل مسنّ مجرّب، وكان حليف طرفة وكان من بني ضبيعة، فأرسل عمرو إلى طرفة والمتلمّس فأتياه فكتب لهما إلى عامله بالبحرين ليقتلهما وأعطاهما هدية من عنده وحملهما وقال: قد كتبت لكما بحباء، فأقبلا حتى نزلا الحيرة، فقال المتلمّس لطرفة: تعلمن والله إن ارتياح عمرو لي ولك لأمر عندي مريب وإن انطلاقي بصحيفة لا أدري ما فيها? فقال طرفة: إنك لتسيء الظنّ، وما نخاف من صحيفة إن كان فيها الذي وعدنا وإلا رجعنا فلم نترك منه شيئاً? فأبى أن يجيبه إلى النظر فيها، ففكّ المتلمس ختمها ثم جاء إلى غلام من أهل الحيرة فقال له: أتقرأ يا غلام? فقال: نعم، فأعطاه الصحيفة فقرأها فقال الغلام: أنت المتلمس? قال: نعم، قال: النجاء فقد أمر بقتلك فأخذ الصحيفة فقذفها في البحيرة ثم أنشأ يقول:

 

 

وألقَيتُهَا بالثَّنِي مِن جَنبِ كافرٍ
كَـذلِـكَ ألـقـي كُـلَّ رَأي مُـضَلَّلِ
رَضـيتُ لهَا بالمَاءِ لمّا  رَأيتُهَا
يَجُولُ بهَا التيَّارُ في كلِّ  جَدوَلِ

   

فقال المتلمّس لطرفة: تعلمن والله أن الذي في كتابك مثل الذي في كتابي، فقال طرفة: لئن كان اجترأ عليك ما كان بالذي يجترىء عليّ، وأبى أن يطيعه، فسار المتلمّس من فوره ذلك حتى أتى الشام فقال في ذلك:

 

   
مَـن مُـبـلغُ الشُّعرَاءِ عَن أخوَيهمُ
نَــبَــأ فـتَـصـدقـهـم بـذاكَ الأنـفُـسُ
أودى الذي عَلِقَ الصَّحيفَة منهُما
ونَـجَـا حِـذارَ حَـيَـاتِـهِ  الـمـتـلـمِّسُ
ألــقَــى صَــحِـفَـتَـهُ وَنَـجَّـت  كُـورَهُ
وَجـنَـا مُـحَـمَّـرَةُ المَنَاسِمِ  عِرمِسُ
عَـيـرَانَـةٌ طَـبَـخَ الـهَـواجِرُ  لَحمَها
فَــكَــأنَّ نُــقــبَــتَــهـا أدِيـمٌ  أمـلَـسُ

وخرج طرفة حتى أتى صاحب البحرين بكتابه، فقال له صاحب البحرين: إنك في حسب كريم وبيني وبين أهلك إخاء قديم وقد أمرتُ بقتلك فاهرب إذا خرجت من عندي فإن كتابك إن قرىء لم أجد بدّا من أن أقتلك، فأبى طرفة أن يفعله، فجعل شبان عبد القيس يدعونه ويسقونه الخمر حتى قُتل، وكان من أحدث الشعراء سنّاً وأقلّهم عمرا، قتل وهو ابن ستٌ وعشرون سنة فيقال له ابن العشرين، وكان له أخ يقال له معبد بن العبد فطالب بديته فأخذها من الحوافر ،وكان مقتل طرفة في عام 60 ق.هـ - 564م

 

     

مما قيل عنه
     قال عبد القادر فيدوم في دراسة له عن شعر طرفة: يحتل طرفة عند العلماء منزلة تلي امرؤ القيس كشاعر جاهلي، ليس لشعره الذي وصلنا، بل للقصائد التي فقدت، يضعه "المفضل الضبي " بين أساتذة المعلقات السبع التي يدعوها العرب "الصموت" خيوط العقد، كما يعتقد أن هذه المعلقة أكثر انتظاماً في بنيتها من كل المعلقات الأخرى، نظرة نقدية لها وزنها في كل المدارس. 
     في ما يخص تاريخ نظم المعلقة، قد يكون ذلك في العام 550 قبل الميلاد، ويقول البعض إنها كتبت في الأسابيع الأخيرة من حياته عندما كان سجيناً في البحرين، غير أن فحواها لا يدعم هذا الرأي، من الواضح أنها قصيدة شاب يافع يعاني من مشاكله البدوية الصغيرة وشجاره مع أقربائه، ولعها نظمت في الصحراء قبل لقائه عمرو بن هند في الحيرة، الأبيات الوحيدة التي تلمح للبحرين هي التي يقارن هوادج نساء قبيلته بالسفن. 
ولعل موت والده وهو بعد صغير السن، وظلم أعمامه لأمه وإخوته الصغار هو الذي وجه الشاعر توجيهاً خاصاً، صبغ أدبه بالتأمل والتفكير في هذه الحياة.


قوله الشعر 
وكان من باكورة نظمه حين سمع المتلمس ينشد هذا البيت

           
وقد تناسى الهم عند احتضاره
بـنـاج عـلـيـه الـصيعرية مكدم

فصرخ طرفة منتقداً إياه، فقال جملته المشهورة "استنوق الجمل" أي خلط بين الناقة والجمل، إذ وصف الجمل بوصف الناقة، لأن الصيعرية توضع على عنق الناقة لا على عنق الجمل، فذهبت هذه المقولة مثلاً في الخلط بين الشيئين. 

     وكان طرفة معتزاً بنفسه فخوراً، مما جعله يتجرأ على أهله وذويه بعد أن حاولوا منعه من إسرافه في الشهوات وتبديده ما كان قد ورثه، فلم تجد قبيلته وأهله سبيلاً إلى ذلك سوى أن تفرده وتبتعد عنه، فاستشعر بالانعزال كما جاء ذلك في قوله:

 

 

وما زال تشرابي الخمور ولذتي
وبـيـعي وإنفاقي طريفي ومتلدي
إلـى أن تـحـامتني العشيرة كلها
وأفـردت إفـراد الـبـعـيـر  الـمعبد

فهجرهم ثم ما لبث أن عاد إلى قومه بعد أن فشل في كل المحاولات بشأن تحقيق أحلامه في تحسين وضعه أو فيما كان يصبو إليه في إيجاد عالم مثالي غير عالمه القاسي مع عشيرته، فلم يجد بداً من العودة إلى قومه وعشيرته، وهم في ذلك غير مبالين به سواء رجع أم تمادى في هجره إياهم، فكان مما قاله بعد عودته لهم.

 

   
كانت فيكم كالمغطي  رأسه
فانجلى اليوم قناعي وخمر
سـادراً أحـسـب غيِّي رشدا
فـتـنـاهـيـت وقد صابت  بقر

 

 

Partager cet article
Repost0
Published by aminajournal.over-blog.com